سورة مريم - تفسير تفسير الزمخشري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (مريم)


        


{وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25) فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا (26)}
{تساقط} فيه تسع قرآت: {تساقط} بإدغام التاء. و {تتساقط} بإظهار التاءين. و {تساقط} بطرح التاء الثانية. و {يساقط}، بالياء وإدغام التاء. و {تساقط} و {تسقط} و {يسقط}، و {تسقط}، و {يسقط} التاء للنخلة، والياء للجذع. ورطباً تمييز أو مفعول على حسب القراءة.
وعن المبرد: جواز انتصابه ب (هزّي) وليس بذاك. والباء في {بِجِذْعِ النخلة} صلة للتأكيد، كقوله تعالى: {وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التهلكة} [البقرة: 195] أو على معنى: افعلي الهزّ به، كقوله:
يَجْرَحُ فِي عَرَاقِيبِهَا نَصْلي ***
قالوا: التمر للنفساء عادة من ذلك الوقت، وكذلك التحنيك، وقالوا: كان من العجوة. وقيل: ما للنفساء خير من الرطب، ولا للمريض خير من العسل، وقيل: إذا عسر ولادها لم يكن لها خير من الرطب. عن طلحة بن سليمان {جَنِيّاً} بكسر الجيم للإتباع، أي جمعنا لك في السريّ والرطب فائدتين، إحداهما: الأكل والشرب، والثانية سلوة الصدر؛ لكونهما معجزتين. وهو معنى قوله: {فَكُلِى واشربى وَقَرّى عَيْناً} أي وطيبي نفساً ولا تغتمي وارفضي عنك ما أحزنك وأَهَمَّكِ. وقرئ و {قِرِّي}: بالكسر لغة نجد {فَإِمَّا تَرَيِنَّ} بالهمز: ابن الرومي. عن أبي عمرو: وهذا من لغة من يقول: لبأت بالحج، وحلأت السويق، وذلك لتآخٍ بين الهمزة وحرف اللين في الإبدال {صَوْماً} صمتاً. وفي مصحف عبد الله: صمتاً.
وعن أنس بن مالك مثله. وقيل: صياماً، إلا أنهم كانوا لا يتكلمون في صيامهم، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صومِ الصمت، لأنه نسخ في أمته، أمرها الله بأن تنذر الصوم لئلا تشرع مع البشر المتهمين لها في الكلام لمعنيين، أحدهما: أن عيسى صلوات الله عليه يكفيها الكلام بما يبريء به ساحتها.
والثاني: كراهة مجادلة السفهاء ومناقلتهم. وفيه أن السكوت عن السفيه واجب. ومن أذل الناس: سفيه لم يجد مسافها. قيل: أخبرتهم بأنها نذرت الصوم بالإشارة. وقيل: سوغ لها ذلك بالنطق {إِنسِيّاً} أي أكلم الملائكة دون الإنس.


{فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا (27) يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (28)}
الفريّ: البديع، وهو من فري الجلد {يا اأخت هارون} كان أخاها من أبيها من أمثل بني إسرائيل. وقيل: هو أخو موسى صلوات الله عليهما.
وعن النبي صلى الله عليه وسلم: «إنَّما عنوا هرونَ النبي» وكانت من أعقابه في طبقة الإخوة، بينها وبينه ألف سنة وأكثر.
وعن السدي: كانت من أولاده. وإنما قيل: يا أخت هرون، كما يقال: يا أخا همدان، أي: يا واحداً منهم. وقيل: رجل صالح أو طالح في زمانها، شبهوها به، أي: كنت عندنا مثله في الصلاح، أو شتموها به، ولم ترد إخوة النسب، ذكر أن هرون الصالح تبع جنازته أربعون ألفاً كلهم يسمي هرون تبركا به وباسمه، فقالوا: كنا نشبهك بهرون هذا، وقرأ عمر بن لجأ التيمي {ما كان أباك امرؤ سوء} وقيل احتمل يوسف النجار مريم وابنها إلى غار، فلبثوا فيه أربعين يوماً حتى تعلت من نفاسها، ثم جاءت تحمله فكلمها عيسى في الطريق فقال: يا أماه، أبشري فإني عبد الله ومسيحه، فلما دخلت به على قومها وهم أهل بيت صالحون تباكوا وقالوا ذلك. وقيل: هموا برجمها حتى تكلم عيسى عليه السلام. فتركوها.


{فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (29)}
{فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ} أي هو الذي يجيبكم إذا ناطقتموه. وقيل: كان المستنطق لعيسى زكريا عليه السلام.
وعن السدي: لما أَشارت إليه غضبوا وقالوا: لسخريتها بنا أشدّ علينا من زناها.
وروي أنه كان يرضع، فلما سمع ذلك ترك الرضاع وأقبل عليهم بوجهه، واتكأ على يساره وأشار بسبابته. وقيل: كلمهم بذلك، ثم لم يتكلم حتى بلغ مبلغاً يتكلم فيه الصبيان {كَانَ} لإيقاع مضمون الجملة في زمان ماض مبهم يصلح لقريبه وبعيده، وهو هاهنا لقريبه خاصة، والدال عليه مبنى الكلام، وأنه مسوق للتعجب. ووجه آخر: أن يكون {نُكَلّمُ} حكاية حال ماضية، أي: كيف عهد قبل عيسى أن يكلم الناس صبياً في المهد فيما سلف من الزمان حتى نكلم هذا.

3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10